التطبيق النحوي، ص: 384-387
عطف النسق
و هو العطف بحرف من حروفه المعروفة، و لعلهم سموه نسقا لأنه ينسق الكلام بعضه على بعض، بحيث يأخذ المعطوف نسق المعطوف عليه في أحكام معينة، و نوجز لك الحديث عن حروف العطف فيما يلي:
1- الواو: تفيد «مطلق المشاركة»؛ أي أن المعطوف يشارك المعطوف عليه في الحكم دون النظر إلى ترتيب زمني أو غيره، مثل: «حضر زيد و عمرو.»
فالعطف هنا يفيد مطلق اشتراك زيد و عمرو في الحضور؛ دون أن يدل ذلك على أن زيدا حضر قبل عمرو، أو معه، أو قبله بفترة وجيزة، أو طويلة، أو حضر بعده.
2- الفاء: و تفيد الترتيب و التعقيب؛ أي أن الحكم يكون للمعطوف عليه أولا دون أن تكون هناك فترة طويلة للمعطوف، مثل: «حضر زيد فعمرو.»
فالفاء هنا أفادت حضور زيد أولا ثم حضور عمرو «في عقبه»؛ أي بعده بفترة وجيزة.
3- ثمّ: و تفيد الترتيب و المهلة أو التراخي؛ أي أن الحكم يكون للمعطوف عليه أولا ثم يكون للمعطوف مع وجود فترة غير وجيزة، مثل: «حضر زيد ثمّ عمرو.»
أفادت ثم هنا حضور زيد أولا، و حضور عمرو بعده بفترة أي مع شئ من التراخي.
تنبيه: الأحرف الثلاثة السابقة قد لا تكون حروف عطف بالضرورة، بل تدل - بكثرة- على «الاستئناف»، و عليك أن تتأكد أولا من وجود فكرة «الاشتراك» في الحكم حين تدل على العطف، و إلا فهي حروف استئناف.
*** 4- حتى: و أنت تعلم أنها تستعمل على الأغلب حرف جر و تدل على الغاية؛ لكنها قد تستعمل حرف عطف كذلك فتفيد الاشتراك في الحكم كما تفيد الغاية؛ أي أن المعطوف غاية في الحكم. على أنها لا تستعمل حرف عطف إلا بشروط؛ أهمها أن يكون المعطوف اسما، ظاهرا، بعضا من المعطوف عليه أو كبعضه، مثل: «أكلت السمكة حتى ذيلها.»
فالذيل هنا مأكول، و هو اسم ظاهر، بعض من المعطوف عليه، و مثل: «الأمّ تحب ابنها حتى أخطاءه.»
فالأخطاء معطوف، و هي كبعض المعطوف عليه.
5- أم: و هي حرف عطف يفيد التسوية بين شيئين، أو تعيين واحد منهما:
أ- فالتي تفيد التسوية هي التي ترد مع «همزة التسوية»، و هي همزة لا تفيد الاستفهام؛ بل تدخل على جملتين خبريتين معطوفتين ب «أم»، و لا بد أن يصح سبك مصدر من كل منهما، مثل: «لن أهتم به سواء أنجح أم رسب.»
فالهمزة هنا تسمى همزة التسوية، و الجملة بعدها خبرية، و أم حرف عطف، و يصح سبك مصدر من الجملتين، إذ المعنى:
«لن أهتم به فنجاحه و رسوبه عندي سيان.»
ب- و التي تفيد التعيين هي التي تأتي مع همزة الاستفهام، مثل: «أحضر زيد أم عمرو؟»
تنبيه: يفصّل النحاة كثيرا في موضوع «أم»، و يقسمونها إلى «متصلة» و «منقطعة»، و الذي نراه أن تلك التي يسمونها «متصلة» هي التي ذكرناها لك هنا مع همزة التسوية و همزة الاستفهام، و هي التي نقول عنها إنها حرف عطف. و أما تلك التي يسمونها «منقطعة» فشئ آخر، و الأرجح أنها ليست حرف عطف بل حرف ابتداء.
6- أو: و تفيد «الإباحة» و «التخيير»، و قد تفيد معاني أخرى نفهمها من القرائن.
و الإباحة معناه اختيار واحد من المعطوف أو المعطوف عليه أو الجمع بينهما، مثل: «إذا أردت أن تحسن لغتك فأقرأ شعرا أو نثرا.» أي اختر واحدا منهما أو اخترهما معا.
أما «التخيير» فيعني اختيار واحد فقط، مثل: «اختر الشعبة الأدبية أو العلمية.»
7- لكن: و هي تفيد الاستدراك، لكنها لا تكون حرف عطف إلا بشروط 1- أن يكون المعطوف بها مفردا. 2- ألا تسبق بالواو. 3- ألا تكون مسبوقة بنفي أو نهي، مثل: «لم الحادثة لكن سمعت بها.«لا تشغل نفسك بأمور الناس لكن اهتم بأمورك.»
- لا: و هي تفيد نفي الحكم عن المعطوف، و لا تكون حرف عطف إلا بشروط:
1- أن يكون المعطوف مفردا.2- أن يكون الكلام قبلها غير منفي.3- ألا تقترن بحرف عطف. مثل: «ينجح المجتهد لا المهمل.»
«لا» هنا حرف عطف. و الكلام قبلها مثبت، و المعطوف مفرد. «لم يحضر زيد و لا عمرو.»
الواو حرف عطف، و لا حرف زائد لتأكيد النفي.
9- بل: و تكون حرف عطف حين يعطف مفردا على مفرد، و تفيد شيئين:
أ- الإضراب: إذا كان ما قبلها كلاما موجبا، مثل: «الإسكندرية عاصمة مصر بل القاهرة.»
بل هنا حرف عطف يفيد الإضراب الذي معناه إلغاء الحكم السابق و نقله إلى ما بعد بل.
ب- الإقرار ثم المخالفة، و ذلك إذا كان ما قبلها منفيا، مثل: «لم ينجح زيد بل عمرو.»
بل حرف عطف، يفيد الإقرار بالحكم السابق؛ أي بعدم نجاح زيد، ثم مخالفة هذا الحكم لما بعدها، أي نجاح عمرو.
تنبيهات:
1- يصح عطف اسم ظاهر على ضمير؛ فإذا كان ضمير رفع متصل فالأفضل فصله بتوكيد لفظي أو معنوي أو غيرهما، و يري بعضهم ذلك واجبا، مثل: «حضرت أنا وزيد./ حضروا كلّهم وزيد./ حضروا اليوم وزيد.»
فالمعطوف عليه في هذه ضمير رفع متصل، و قد صح عطف اسم ظاهر عليه بعد فصله بالتوكيد اللفظي «أنا»، أو بالتوكيد المعنوي «كلهم»، أو بغيرهما «اليوم».
2- و إذا كان ضمير نصب أو جر فلا يجب الفصل، مثل: «رأيتك و زيدا./ مررت بك وزيد.»
3- من التراكيب الشائعة في الاستعمال المعاصر عطف مضافين قبل المضاف إليه، و هو مستوى ركيك يراه بعضهم غير صحيح، مثل: «ناقش المجلس أنواع و أسباب المشكلات.» و الصواب: «ناقش المجلس أنواع المشكلات و أسبابها.»
اسم الكتاب: التطبيق النحوي/ المؤلف: الراجحي، عبده/ الموضوع: النحو/ اللغة: عربي/ عدد المجلدات: 1
الناشر: دار المعرفة الجامعية/ مكان الطبع: الإسكندرية
نوشته شده در 23/2/1394 - 19:44:41 - توسط: فریده جان محمدی